بينما يستمر الصراع العنيف في السودان في عامه الثالث، أطلق رئيس جمعية الهلال الأحمر السوداني تحذيرًا هادئًا بشأن تزايد المخاطر التي تعترض عمال الإغاثة الذين يكافحون لتقديم المساعدة للملايين المحتاجين في بيئة قاسية وخطيرة.
في تقييم صريح، تحدث الأمين العام لـ SRCS، عبد الله، عن المخاطر اليومية التي يواجهها المتطوعون والموظفون أثناء تنقلهم في وسط العنف والدمار لتوفير الدعم الحيوي.
قال عبد الله في مقابلة بجنيف: "يصعب للغاية القول إن لدينا أي حماية لموظفينا أو متطوعينا، حيث أن الحرب في السودان لا تحترم أي شيء - لا يوجد قانون إنساني دولي، لا شعار، لا شيء".
منذ أن اندلعت الاشتباكات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، تطور النزاع إلى واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.
بينما أفادت الأمم المتحدة والسلطات المحلية بمقتل أكثر من 20,000 شخص، تشير الأبحاث التي أجراها علماء أمريكيون إلى أن عدد القتلى قد يصل فعليًا إلى 130,000.
أكثر من 13 مليون شخص قد تم تهجيرهم، وفقًا لـ SRCS، مما أدى إلى دمار كبير في البنية التحتية الحيوية.
حوالي 80% من المنشآت الصحية في البلاد تم تدميرها أو أصبحت غير فعّالة، مما ترك الملايين دون إمكانية الوصول إلى الرعاية الطبية.
تواجه العديد من المناطق في البلاد انقطاعًا مستمرًا في الكهرباء ومياه الشرب، مما يزيد من تفاقم المعاناة الإنسانية.
قال عبد الله: "الآن، نحن في اليوم الرابع عشر مع غياب الكهرباء في السودان"، مشيرًا إلى الصورة القاتمة للحياة اليومية هناك.
في الأسابيع الأخيرة، حقق الجيش السوداني تقدمًا في استعادة أراضٍ كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع. إلا أن الأزمة الإنسانية تتعمق، وما زال عدد لا يحصى من المدنيين مرهونين بألسنة النيران.
رغم المخاطر الكبيرة، لا يزال عمال جمعية SRCS والمتطوعون متواجدين على الأرض، مقدّمين المساعدات المنقذة للحياة في جميع الولايات الـ 18 بما في ذلك دارفور التي تعاني بشدة.
أشاد عبد الله بشجاعة وتفاني هؤلاء الأفراد، الذين غالبًا ما ينحدرون من المجتمعات التي يخدمونها - مستعينين بأفراد أسرهم وجيرانهم وأصدقائهم وسط القتال المستمر.
قال: "لدينا متطوعون وموظفون مدربون بشكل ممتاز... يقومون بعمليات إخلاء الجرحى، الإسعافات الأولية، ويؤسسون مطابخ مجتمعية لتلبية احتياجات المجتمع".
كما وصف كيف استجاب SRCS بسرعة للهجمات الأخيرة على معسكرات النزوح مثل زامزام في شمال دارفور، حيث ساعدوا في إجلاء السكان وتوفير احتياجاتهم الأساسية بما في ذلك الطعام والمياه للأطفال الرضع.
رغم الجهود المضنية، أشار رئيس SRCS إلى أن نقص التمويل لا يزال عائقًا أمام العمليات. وأكد على أن تمويل المساعدات في السودان لا يزال أقل بكثير من المتطلبات اللازمة، رغم التعاون مع المنظمات الإنسانية الدولية مثل برنامج الأغذية العالمي و اليونيسف.
كما تناول عبد الله أهمية الشراكات الأساسية، خاصة مع جمعية الهلال الأحمر التركي، التي أرسلت سفينتين للمساعدة الإنسانية لشعب السودان.
أعرب عبد الله عن قلقه من تناقص الاهتمام العالمي بالسودان رغم تواصل تدهور الأوضاع. وقال: "لا أحد يتحدث عن ذلك على الإطلاق"، معبراً عن إحباطه من عدم المبالاة الظاهرة.
اختتم عبد الله بدعوة مؤثرة: "لقد مرت عامان من المعاناة للشعب السوداني، تذكروا السودان وقدموا دعمكم لشعبه".