شهدت الساحة الرياضية في تركيا تحولات جذرية جعلتها وجهة جاذبة للنجم، بدلًا من كونها مجرد محطة أخيرة للاعبين في نهاية مسيرتهم. فقد برزت "السوبر ليغ" التركية كلاعب رئيسي في سوق الانتقالات، حيث تتنافس الأندية المحلية مع نظيرتها في دول مثل السعودية، التي أصبحت قوة مالية بارزة في السنوات الأخيرة.
تمكنت الأندية الثلاثة الكبرى في إسطنبول - غلطة سراي، فنربهتشه، وبشكتاش - من جذب نجوم عالميين بفضل المبالغ المالية الهائلة التي عرضتها. حيث وافقت غلطة سراي على دفع 75 مليون يورو (87 مليون دولار) لضمان انتداب المهاجم النيجيري، فيكتور أوسيمن، وهو ما يعد أغلى صفقة انتقال في تاريخ كرة القدم التركية. علاوة على ذلك، سيحصل اللاعب على راتب سنوي صافٍ يبلغ 21 مليون يورو، في حين سيتقاضى الدولي الألماني، ليروي ساني، القادم من بايرن ميونيخ، 12 مليون يورو سنويًا.
على الرغم من هذه الاستثمارات الضخمة، تعاني الأندية الثلاثة من ديون تتجاوز مليار يورو، مما يثير القلق بشأن قدرتها على الاستدامة. يجري الحديث عن الديون المتزايدة التي أثقلت كاهل الأندية وتأثيرها على الأعمال الرياضية في البلاد.
يتساءل الكثيرون عن دعم الحكومة للصرف الكبير من الأندية، حيث يعتقد البعض أن هذا يشكل محاولة distracted جماهيرها عن المشاكل الاقتصادية الحادة مثل التضخم والبطالة.
وأكد كاتب العمود الرياضي، على ضرورة تفسير هذه التحركات كجزء من استراتيجيات لتوجيه الرأي العام، معتبراً أن الوضع الحالي يعكس نمطًا قديمًا من "الخبز والسيرك".
يؤكد الخبراء أن كرة القدم تحتل مكانة بارزة في المجتمعات الفقيرة، حيث يمضي الناس وقتا طويلا في متابعة أخبار الانتقالات بدلاً من الانتباه إلى همومهم اليومية. حيث أشار أحد المشجعين إلى أن التوقيعات الجديدة تعزز روح التنافس مع الأندية الأخرى، مما يزيد من الضغط على اللاعب والمشجع على حد سواء.
تاريخيًا، كانت جماعات المشجعين تعبر عن آرائها من خلال الاحتجاجات ولكن هذا الشئ تلاشت بمرور الوقت، مما جعل الأندية تبدو وكأنها تعمل تحت حماية الحكومة. وعلى الرغم من وجود قوانين جديدة تهدف لتقنين الدين، إلا أن البعض يشير بأن تطبيقها كان محدودًا.
يشير مراقبون إلى أنه بينما تسعى الأندية لتحقيق أهداف مالية غير مستدامة، فإن قلة من لديهم إيرادات تغطي نفقاتهم العالية. يرى الخبراء أن النمط الحالي غير مستدام، وأن الأندية ستواجه صعوبات كبيرة في المستقبل عند التعامل مع الديون المتزايدة.
تتجه الأندية الكبرى في تركيا نحو تحقيق أهداف طموحة في سوق الانتقالات، لكنها تعاني من قيود مالية كبيرة. إن الاهتمام الحكومي وعمق الروابط بين الأندية والسلطة السياسية قد يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل ملامح مستقبل كرة القدم في البلاد. ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستستمر فورة الإنفاق هذه، أم ستضطر الأندية إلى مواجهة واقع اقتصادي أكثر صعوبة؟